سورة الزمر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


قوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ} قال المبرِّد: المعنى: بادِروا قَبْلَ أن تقول نَفْسٌ، وحَذَراً من أن تقول نَفْسٌ. وقال الزجاج: خوف أن تصيروا إلى حال تقولون فيها هذا القول. ومعنى {يا حسرتا} يا ندامتا ويا حزنا. والتحسُّر: الاغتمام على ما فات. والألِف في {يا حسرتا} هي ياء المتكلم، والمعنى: يا حسرتي على الإِضافة. قال الفراء: والعرب تحوِّل الياء إلى الألِف في كل كلام معناه الاستغاثة ويخرج على لفظ الدُّعاء، وربما أدخلت العربُ الهاء بعد هذه الألف، فيَخْفِضونها مَرَّةً، ويرفعونها أخرى. وقرأ الحسن، وأبو العالية، وأبو عمران، وأبو الجوزاء: {يا حسرتي} بكسر التاء، على الإِضافة إِلى النَّفْس. وقرأ معاذ القارئ، وأبو جعفر: {يا حسرتايَ} بألف بعد التاء وياء مفتوحة. قال الزجاج: وزعم الفراء أنه يجوز يا حسرتاهَ على كذا بفتح الهاء، ويا حسرتاهُِ بالضم والكسر، والنحويّون أجمعون لا يُجيزون أن تُثْبَتَ هذه الهاءُ مع الوصل.
قوله تعالى: {في جَنْبِ الله} فيه خمسة أقوال:
أحدها: في طاعة الله تعالى، قاله الحسن.
والثاني: في حق الله، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: في أمْر الله، قاله مجاهد، والزجاج.
والرابع: في ذِكْر الله، قاله عكرمة، والضحاك.
والخامس: في قٌرْب الله؛ روي عن الفراء أنه قال: الجَنْب: القُرْب، أي: في قُرْب الله وجِواره؛ يقال: فلان يعيش في جَنْبِ فلان، أي: في قُرْبه وجواره؛ فعلى هذا يكون المعنى: على ما فرَّطْتُ في طلب قُرْب الله تعالى، وهو الجنة.
قوله تعالى: {وإِنْ كنتُ لَمِن السّاخِرِينَ} أي: وما كنتُ إِلاّ من المستهزِئين بالقرآن وبالمؤمنين في الدُّنيا.
{أوْ تقولَ لو أنَّ الله هداني} أي: أرشَدني إِلى دينه {لكنتُ من المُتَّقِينَ} الشِّرك؛ فيقال لهذا القائل: {بلى قد جاءتك آياتي} قال الزجاج: و{بلى} جواب النفي، وليس في الكلام لفظ النفي، غير أن معنى {لو أن الله هداني} ما هُديتُ، فقيل: {بلى قد جاءتك آياتي}. وروى ابن أبي سريج عن الكسائي {جاءتكِ} {فكذَّبْتِ}، {واسْتَكْبَرْتِ} {وكُنْتِ}، بكسر التاء فيهنّ، مخاطَبة للنفْس ومعنى {اسْتَكْبَرْتَ}: تكبَّرتَ عن الإِيمان بها.


قوله تعالى: {ويومَ القيامة تَرَى الذين كَذَبوا على الله} فزعموا أن له ولداً وشريكاً {وُجُوهُهم مُسْوَدَّةٌ}. وقال الحسن: هم الذين يقولون: إن شئنا فَعَلْنا، وإِن شئنا لم نَفْعَل، وباقي الآية قد ذكرناه آنفا [الزمر: 32].
قوله تعالى: {ويُنَجِّي اللهُ الذين اتَّقَوا بمفازتهم} وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {بمفازاتهم} قال الفراء: وهو كما قد تقول: قد تبيَّن أمرُ القوم وأمورهم، وارتفع الصوت والأصوات، والمعنى واحد. وفيها للمفسرين ثلاثة أقوال:
أحدها: بفضائلهم، قاله السدي.
والثاني: بأعمالهم، قاله ابن السائب، ومقاتل.
والثالث: بفوزهم من النار.
قال المبرِّد: المَفازة: مَفْعَلة من الفوز، وإن جُمع فحسن، كقولك: السعادة والسعادات، والمعنى: ينجيهم الله بفوزهم أي: بنجاتهم من النار وفوزهم بالجنة.


قوله تعالى: {له مَقاليدُ السموات والأرض} قال ابن قتيبة: أي: مفاتيحُها وخزائنُها، لأن مالِكَ المفاتيح مالِك الخزائن، واحدها إِقليد، وجُمع على غير واحد، كما قالوا: مَذاكير جمع ذَكَر، ويقال: هو فارسيّ معرَّب. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي: الإِقليد: المفتاح، فارسي معرَّب، قال الراجز:
لَمْ يُؤْذِها الدِّيكُ بصوتِ تَغْرِيدْ *** ولَمْ تُعالِجْ غَلَقاً باقْليدْ
والمِقْلِيدُ: لغةٌ في الإِقْلِيدِ، والجمع: مَقَالِيد.
وللمفسرين في المقاليد قولان:
أحدهما: المفاتيح، قاله ابن عباس.
والثاني: الخزائن، قاله الضحاك. وقال الزجاج: تفسيره: أن كل شيء في السموات والأرض، فهو خالقه وفاتح بابه. قال المفسرون: مفاتيح السموات: المطر، ومفاتيح الأرض: النبات.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10